أثناء ذهابي اليوم لمدينة رأس البر وفي الطريق الي موقف السيارات المؤدي اليها سمعت صوت يبدو وكأنه
صراخ رجل ليس ببعيد عني ولكني لم أستطع تمييز ملامحه وكلما اقتربت من الموقف زاد اقتراب الصوت لاذني
حتي استطعت تمييز الصوت وتمييز صاحب الصوت فاذا به شاب صغير يبدو أنه في العشرينات من عمره ثيابه مهندمة يرتدي بنطلون جينز وقميص نظيف وله ذقن صغيرة ويبدو عليه أنه متعلم لمحته يتحدث بصوت عالي
ويلوح بيديه ويضرب كفا بكف فتخيلت في البداية أنه ربما يتشاجر مع أحد السائقين في الموقف الي أن اقتربت منه أكثر
وأكثر فتسمرت في مكاني دهشة الشاب المهندم الذي يبدو من مظهره أنه من الفئة المكافحة في
البلد...مجنـــــــون....نعم هذا مايبدو للرأي يحدث نفسه يصرخ فيها ...وقفت مكاني وتابعت الشاب بعيني
وأذني...وعندما ميزت كلماته المؤلمة أدركت أنه أقتيد الي الجنون...وجدته يعاتب نفسه صارخا لائما
اياها ...قائلا..
وأنت مزعل نفسك ليه؟..ما انت هتفضل كده لحد ما تموت ..كل واحد يحدفك لواحد غيره يطلع (كلمة لا
أستطيع كتابتها ولا نطقها)..هي ماشية كده؟كله ماشي كده؟...
و مزقت كلمات الشاب المسكين نياط قلبي وبعثت في
داخلي حزنا غريبا سيطر عليا ..ركبت الميكروباص وأنا أشعر بخنقة غريبة تتملكني..ووجدت السيدة الجالسة بجواري
تتنهد بأسي وحزن وتتحسبن ..حسبنا الله ونعمة الوكيل..ربنا يكملها معانا بالستر...فسألتها ان كانت رأت الشاب
فانطلقت في الحديث و عبرت عما يحمله صدرها من غضب وحنق وانطلقت تسرد مواقف مرت بها وغبت أنا عن
حديثها وسلطت عيني علي الشاب عندما مرت السيارة بجواره وهو لايزال يصرخ ويضرب كفا بكف ويعاتب
نفسه ..وأنت مزعل نفسك ليه؟
تأملت سؤاله لنفسه كثيرا وتوقفت أمامه وظل يتردد بداخلي طوال الطريق وحتي بعد انتهائي من مشواري وأثناء عودتي ظل يتردد بداخلي وأثناء سيري علي شاطيء البحر وقت الغروب فقدت احساسي ببهاء المنظر وروعته ونظرت لرحيل الشمس وغوصها في مياه البحر نظرة بلا معني وبعد انتهائي من أخر دروسي فقدت رغبتي في العودة مرة أخري الي الشاطيء رغم لهفتي المعتادة وحرصي الاسبوعي علي هذه الجلسة الممتعة واشتياقي لها والاستمتاع بالجلوس علي الكرسي المداد ومداعبة قدماي لرمال الشاطيء الناعمة و امتاع عيناي برؤية السماء والنجوم المتلئلئة بها ومناجاة القمر التي لا أمل منها أبدا والاستماع لصوت الامواج التي كان يطرب أذني ربما أكثر من نغمات الموسيقي الهادئة تركت كل هذا وأدرت ظهري للبحر وتوجهت لموقف دمياط وصوت الشاب المسكين يصرخ بداخلي وهو يردد
وأنت مزعل نفسك ليه؟
وانا بكرر السؤال لنفسي
وأنا مزعلة نفسي ليه؟
هي كده
وماشية كده
لكن عندي أمل
أنها تتغير
قبل ما تجنــــــن أنا كمان