الهي ماعدت أبغي شيئا في هذه الحياة سوي عفوك ورضاك

الثلاثاء، 2 أغسطس 2011

لـــيــلــة محـــاكــــمـــة مـــبــارك


ليلة محاكمة مبارك ...ينتظر هذه الليلة كثيرون على مضض ويحلم أكثر بانقضائها ورؤيته داخل قفص الاتهام ويتخيل البعض الاخر لحظة نطق القاضى بحكمه العادل فى قضية قتل المتظاهرين ..ليلة تاريخية وحدث تاريخى يلهب مشاعر وقلوب العديد من كافة طوائف الشعب ...وأكثر الحالمين بهذه الليلة الطبقة الدنيا من شعبنا وهى ليست بقليلة ربما كانت أكبر الطبقات ولكن هذه الطبقة لا تدرى ما هو السبب الحقيقى الذى انعقدت من أجله المحكمة وماهو السبب الذى سيبنى عليه القاضى أسباب حكمه فبداخل القفص سبب فقرهم وذلهم سبب ضعفهم أمام أبنائهم وأحبائهم سبب مرضهم وعجزهم عن شراء ما بداخل روشتاتهم من أدوية سبب موت أقرب الناس اليهم أمامهم وهم لا يستطيعون مد يد العون اليهم لخلو جيوبهم سبب عرائهم سبب خيامهم التى نصبت بعد انهيار بيوتهم فوق رؤوسهم بلا جدوى لأمل فى مأوى جديد يتوارى خلفه أعراضهم سبب بطالتهم فأماكن العمل محجوزة لأبناء أخرى لمن يملكون فيدفعون فيعينون لـذا مشاعر غضبهم أقوى من اى مشاعر أخرى ومعهم فى ذلك كل الحق أما الطبقة الوسطى التى بالكاد تستطيع الحياة والتى اقتربت الى حد بعيد من الدنيا فغضبهم لا يقل غضبا عن الدنيا فهم مستورون بالكاد يأكلون ويشربون ويلبسون ولكن لا يدخرون فما يأتى يذهب يبذلون كل جهدهم لتعليم أبنائهم والوصول بهم الى أعلى الدرجات العلمية والشهادات الجامعية التى ما تلبث أن تتبروز ببرواز لامع وتتعلق على جدران البيت ويجلس تحتها ابنهم ينظر اليها اولا بفخر ولكن بمرور الايام ولا امل فى وظيفة تصلح له الحال تعينه على بناء حياته ومستقبله لا يلبث اليأس أن يتسرب لقلبه فينظر اليها بغضب شديد ويقف عاجز لا بيد أهله مساعدته بأكثر من طعامه وشرابه وخجله وحيائه واحساسه برجولته المفقودة يحول بينه وبين مد اليد الى اهله ليطلب مصروفا يقضى به مستلزمات حياته الضروية هؤلاء أيضا ينتظرون ليلة المحاكمة ليلة من أضاع أعمارهم فى شقاء وهم يجرون ولا يلحقون ليلة من أضاع أحلامهم و دفن طموحهم لينقضى بهم أحلى سنوات عمرهم زهرة شبابهم وهم يتنقلون من مقهى لاخر بلا امل فى الحياة وبلا بصيص نور يضىء لهم نفقهم المظلم ..أما الطبقة العليا التى ضمت تقريبا كوادر الحزب البائد فكيف يصل احد الى هذا الثراء الفاحش بدون أن يكون من أبناء حزب السرقة العالمى؟ حزب الرجل الاوحد والصورة الوحيدة الذى لا تتغير على مر ثلاث عقود من الزمان هؤلاء ينتظرون هذه الليلة وهم منقسمون فمنهم من علم بينه وبين نفسه أن حزبه قد تلاشى وأنه حتى يحيا لا بد وان يساير موجة العصر وينقلب على من كان ملكه ويقف مع محاكمته وضد عفوه وهذا الجانب السائد لحزب أساسه النفاق والبعض الاخر التى تعطلت مصالحه بانهيار الحزب وخسر الكثير وسببت له الثورة خسائر لم يكن يتوقعها فهو ناقم لها وعليها فيراوده خياله ببراءة حاكمه السابق وربما عودة الحياة لطبيعتها السابقة من سرقة ونفاق وغير ذلك اما على الصعيد السياسى فلاشك ان مشاعر الاخوان والجماعات الاسلامية ملتهبة هى الاخرى فها قد جاءت اللحظة التى وضع فيها وراء القضبان من أضاع أعمارهم ورائها من قبل لفكر اعتقدوا فيه وحاولوا تطبيقه داخل بلدهم هاهو ذا العسكرى الذى عانوا من محاكمته العسكرية يقف ذليلا بينما هم كانت وقفتهم شامخة فهكذا وقفات أصحاب العقائد وأيضا وقفات أصحاب المصائب الذل عنوانها ...الكل يترقب ..والكل ينتظر ...ربما تقوم غدا ثورة جديدة ..عنوانها الفرح او الغضب ...أما أنــا....فأتذكر مقولة السيدة أسماء بنت أبى بكر عندما أخبروها بصلب الحجاج ابن يوسف الثقفى لابنها بعد مقتله فقالت كلمتها الشهيرة ( وهل يضير الشاة سلخها بعد ذبحها) ...لقد ذبح مبارك بثورتنا وانقضى ولن يعود وهذا مايهم ...مايهمنى الان هو رفعة بلدى وعلوها واندفاعها الى الامام ...لا زال الفقر شبحا يخيم على الكثيرون ولا زالت البطالة لنا عنوان فها أنا من اوائل الجامعات وحاصلة على درجة الماجستير وغيرى كثيرون وعدنا منذ عدة أشهر بالتعيين ولكن لا احد يلتفت لنا ..بحلم باللحظة التى يخرج منها المصريون من بوتقة مبارك المظلم الى دنيا العلم والتعلم الى دنيا التقدم والازدهار فما فائدة البكاء على اللبن المسكوب؟ فقد انسكب ..وهذا ليس معناه أن يضيع دم ثوارنا هدر فمن أخطأ يحاسب ومن قتل يقتل ومن أذنب فعليه القصاص وهذا دور القضاء الذى يصدر فيه حكمه العادل والذى يرضى قلوب من ثكل أطفالهم ورمل نسائهم واحزن احبائهم بفراقهم ...محاكمة عادلة ...ولكن مصر أيضا لها حق علينا فما فائدة الدماء الطاهرة التى سالت ان ظلت على أطلال بلد تسمى مصر أظن أن دمائهم الطاهرة لا تبغى الانتقام فلو كانت هذه هدفها لانتقمت بطريقة اخرى غير خروجها مسالمة بلا سلاح أيام الثورة أكبر نصر لشهدائنا هو سعينا جميعا مجتمعين يدا واحدة لنأخذ بيد مصرنا الحبيبة الى الامام لنفكر سويا فى حلولا جذرية وقطعية لمشاكلنا التى عانينا منها سنوات وسنوات هذا مايرضى شهدائنا ومايريحهم فى قبورهم أن يروا راية مصر عالية ترفرف فى كل الدنيا وأن يروا أبناء مصر فى أحسن حال هنا فقط سيشعرون أن لدمائهم معنى وان الكلمة التى خرجوا بها يوم 25 يناير ( تغيير ...حرية ...عدالة إجتماعية) أصبح لها صدى على أرض الواقع ...تحققت فكان لدمائهم معنى ولثورتهم هدف ...ولمصر رفعة وعزة ....لــذا فمحاكمة مبارك لا تعنينى ....مـــــصـــــر ورفعتها وعزتها وتقدمها هو الذى يعنينى ....تحـــــياتــى

مصر